انفصال الشبكية

انفصال الشبكية عبارة عن مرض نادر يصيب العين، وإذا تُرك دون علاج، فإنه يُسبب اضطرابات بصرية وقد يؤدي إلى فقدان البصر.

هناك الملايين من الخلايا المستقبلة للضوء في شبكية العين، والتي تتلقى الضوء وتحوله إلى إشارات عصبية. إذا انفصلت الشبكية عن الجزء الخلفي من العين في مواضع فردية، فيتم إمداد الخلايا البصرية بكمية أقل من الدم أو لا يتم إمدادها بالدم على الإطلاق ومن ثمّ، تموت. 

يرى المصابون بانفصال الشبكية ومضات ضوئية في الظلام وعند غلق جفونهم. ويرى البعض "بقع سخام" أو "مطر سخامي"، أي أعداد كبيرة من النقاط السوداء التي يمكن أن تشبه شبكة العنكبوت. وقد تتحرك نقطة مظلمة كبيرة من الأسفل نحو الأعلى، مثل الستارة أو قد يحدث تعكر في الرؤية.

ومن العلامات المصاحبة، ولكن الأقل وضوحًا "الذباب الطائر"، والذي يعرف بالمصطلح الفرنسي "Mouches voulantes". حيث يرى المصاب خطوطًا ونقاطًا تشبه سربًا من الذباب. وقد تكون هذه الظاهرة غير ضارة وتحدث مؤقتًا بسبب تعكر الجسم الزجاجي. ومع ذلك، إذا بقي "الذباب" مرئيًا في الأفق لفترة طويلة، فيوصى بزيارة الطبيب. 

إذا ظهرت هذه الأعراض، مثلاً، عند حافة مجال الرؤية، فقد لا يلاحظها المريض. ولا يلاحظ البعض انفصال الشبكية في البداية. 

تتكون شبكية العين من طبقتين: تحتوي الطبقة العليا (الطبقة العصبية) على خلايا بصرية وخلايا عصبية. وأسفل منها توجد الطبقة الصبغية (الطبقة الصباغية). والتي تعمل على إمداد الخلايا العصبية بالمواد المغذية.

على سبيل المثال، إذا دخل أحد السوائل بين كلتا الطبقتين بسبب وجود تمزق، فإنهما تنفصلان. وفي هذه الحالة، لن يتم تعذية الخلايا البصرية والعصبية بشكل جيد. وجراء ذلك تظهر اضطرابات بصرية نمطية.

ويمكن أن تنفصل الطبقتين لعدة أسباب:

• التمزقات في شبكية العين
• شد خيوط النسيج الضام
• دخول سوائل بين الطبقات

انفصال الشبكية تشرمي المنشأ (المرتبط بالتمزق)

السبب الأكثر شيوعًا لهذا النوع من انفصال الشبكية هو انفصال الجسم الزجاجي الخلفي. والجسم الزجاجي عبارة عن كرة من مادة تشبه الهلام تكوّن شكل مقلة العين وتعمل على تثبيت الشبكية. مع التقدم في العمر أو عند الإصابة بأمراض معينة، يتقلص الجسم الزجاجي. وقد يحدث جراء ذلك ثقب في شبكية العين. نتيجة لذلك، يخترق السائل من مقلة العين المنطقة بين طبقتي شبكية العين وترفع الطبقة العليا.

وقد تؤدي آثار القوة الخارجية (التعرض لحادث، صدمة في العين) أو أثناء الجراحة لعلاج المياه البيضاء على العين (إعتام عدسة العين) أيضًا إلى انفصال الشبكية المرتبط بالتمزق.

انفصال الشبكية الجذبي (المرتبط بالشد)

قد ينشأ هذا الشكل عندما تتكون ندبات النسيج الضام في العين بسبب أمراض أخرى. يمكن للنسيج الضام في هذه الحالة أن يتقلص ويجذب الشبكية. قد تحدث مثل هذه الندبات في العين، على سبيل المثال، بسبب الإصابة بمرض السكري على المدى الطويل. 

انفصال الشبكية النضحي (المرتبط بالسوائل)

في ذلك الصدد، تتسرب السوائل من مناطق أخرى من العين بين طبقتين من شبكية العين، مما يؤدي إلى انفصال الطبقتين. الأسباب الشائعة تشمل الالتهابات أو الأورام. 

يزداد خطر الإصابة بانفصال الشبكية مع التقدم في العمر. ويصبح المرض أكثر شيوعًا بشكل عام بين مرضى السكري.

من يعانون من قصر النظر الشديد (حسر النظر) يكونون أيضًا أكثر عرضة للإصابة بانفصال الشبكية لأن مقلة العين لديهم طويلة جدًا. نتيجة لذلك، تتعرض شبكية العين دائمًا إلى القليل من الشد ومن ثمّ، تتمزق بسرعة أكبر. 

يوجد أيضًا خطر متزايد للإصابة بالمرض إذا كان هناك المزيد من حالات انفصال الشبكية في الأسرة.

من النادر حدوث انفصال الشبكية. تشير التقديرات إلى أن شخصًا من بين كل 10000 شخص يعاني من انفصال الشبكية بسبب التمزق. وبين من تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، تبلغ النسبة حوالي 2 إلى 3 من بين كل 10000 شخص. 

إذا تمزقت الشبكية بشدة، فقد تنفصل تمامًا في غضون يوم أو يومين. ومع ذلك، إذا كانت التمزقات والثقوب صغيرة، تنفصل الشبكية بصورةٍ أبطأ، أي على مدى أسابيع إلى شهور.

مما يؤدي إلى زيادة الإعاقات البصرية وتضرر نطاق الرؤية. ويعني ذلك أن تكون الرؤية ضبابية أو ألا يرى المصاب أي شيء على الإطلاق في مواضع معينة ولا يمكنه القراءة، مثلاً.

إذا لم يتم إيقاف انفصال الشبكية سريعًا بتلقي العلاج، فقد يؤدي ذلك إلى ضرر بصري شديد أو حتى فقدان البصر. 

إجراء التشخيص وتلقي العلاج في الوقت المناسب هو الإجراء الأكثر أهمية للوقاية من تضرر البصر.

بالنسبة لمن يعانون من قصر النظر الشديد لأكثر من -3 ديوبتر، وفي حالة الإصابة بأمراض، مثل مرض السكري أو وجود إصابات في التاريخ الطبي للأسرة، فيوصى بالخضوع للفحوصات الدورية وتلقي المشورة من طبيب العيون. 

في حالة الاشتباه في الإصابة بانفصال الشبكية، يقوم طبيب العيون بفحص الشبكية باستخدام تنظير العين.

في البداية، يتم منح قطرات للعين لتوسيع حدقة العين. وباستخدام كل من المجهر والمصباح الخاص (المصباح الشقي)، يمكن النظر إلى الجزء الخلفي من العين لرؤية التغييرات في شبكية العين. في حالة انفصال الشبكية، يمكن رؤية التمزقات أو الثقوب أو الطيات أو النزيف.

وفي بعض الأحيان، يلزم فحص العين بالموجات فوق الصوتية أيضًا لإجراء تشخيص موثوق. 

كلما تم علاج انفصال الشبكية سريعًا، كان ذلك أفضل: قد يحدث ضرر خطير إذا لم يتم إمداد الخلايا العصبية في شبكية العين بالمغذيات لبضع ساعات فحسب.

ويمكن استخدام العلاج بالليزر أو بالبرودة لعلاج انفصال الشبكية، كما يمكن اللجوء إلى التدخلات الجراحية.

العلاج بالليزر أو بالبرودة

إذا قرر طبيب العيون أثناء الفحص أن الشبكية بها تمزق ولكنها لم تنفصل بعد، فقد يكفي العلاج بالليزر. باستخدام ليزر خاص أو مسبار برودة، يمكن لصق الطبقة العليا من الشبكية مرة أخرى بالطبقة السفلية. عندما يصطدم شعاع الليزر أو شعاع البرودة بالأنسجة، فإن طبقتي الشبكية تندمجان معًا. 

التدخلات الجراحية

إذا انفصلت الشبكية بالفعل، فيمكن إعادة تثبيتها جراحيًا. وهناك العديد من الإجراءات التي تعتمد على نوع انفصال الشبكية ومدى شدته. 

الإجراء الأحدث هو إزالة الجسم الزجاجي (استئصال الزجاجية). وفي ذلك الصدد، يقوم الجراح بإزالة السائل الشبيه بالهلام من الجسم الزجاجي واستبداله بمحلول خاص أو غاز للضغط على شبكية العين. فبهذه الطريقة، يتم ضغط الطبقتين سويًا.