التعامل مع الاكتئاب

يعاني 8 بالمائة من الأشخاص في ألمانيا تقريبًا من الاكتئاب كل عام. ومع ذلك، فلم يتم تشخيص سوى ثلث هؤلاء الأشخاص فقط تقريبًا بالمرض. وحوالي 4 بالمائة فقط من المصابين بالاكتئاب يتلقون العلاج المناسب لفترة أطول نسبيًا.

هذا المقال موجه بشكل خاص لمن لم يتمكنوا بعد من تقرير ما إذا كانوا مصابين بالفعل بالاكتئاب أو ما إذا كانوا يعانون من حزن أو اكتئاب "طبيعي"، وموجه كذلك لذويهم. كما يستهدف أيضًا من تم تشخيصهم بالفعل ولكن لا يزال يتعين عليهم الانتظار للحصول على مكان لتلقي العلاج أو لا يمكنهم اتخاذ قرار بشأن العلاج (بعد).

العلامات الأكثر أهمية في حالة الاكتئاب تشمل:

• الحالة المزاجية الحزينة
• فقدان الاهتمام والسعادة
• انعدام الدوافع والإجهاد المتزايد (غالبًا حتى بعد المجهود البسيط) إلى جانب تقييد النشاط
• انخفاض التركيز وقلة الانتباه
• قلة احترام الذات والثقة بالنفس
• الشعور بالذنب والشعور بانعدام القيمة
• التوقعات السلبية والمتشائمة تجاه المستقبل
• الأفكار الانتحارية أو إيذاء الذات أو الأعمال الانتحارية
• اضطرابات النوم
• قلة الشهية
• انخفاض الرغبة الجنسية

قد تنجم أعراض الاكتئاب عن أحداث مرهقة، مثل الانفصال أو المرض أو وفاة الأحباء. وقد يحدث الاكتئاب أيضًا دون أي محفز يمكن رصده.

بخلاف الاكتئاب، عندما يستمر الحزن بعد خسارة أحد الأحباء، يكون التركيز منصبًا على الحنين للمتوفى. ومع ذلك، فقد يتطور الاكتئاب إلى جانب الشعور بالحزن. والهدف من الحزن الذي يدوم لفترةٍ طويلة يكمن في قبول الخسارة والتعامل مع الألم العاطفي.

غالبًا ما يكون تدهور الحالة المزاجية وفقدان الاهتمام وقلة الدوافع مصحوبًا بالانسحاب من الحياة في مرحلة الاكتئاب. في البداية، يحمي ذلك المصابين بالاكتئاب من المواقف التي تثير المشاعر السلبية بشكل متزايد في الحياة اليومية. ولكن ذلك غالبًا ما يؤدي إلى دوامة انحدار.

على سبيل المثال، قد يكون من دواعي ارتياح المصابين بالاكتئاب عدم تعرضهم لمتطلبات العمل بالحصول على إجازة مرضية. ومع ذلك، فنظرًا لأن تشكيل الحياة اليومية من خلال العمل يصبح مفقودًا أيضًا، فيتوفر للمصابين المزيد من الوقت للتفكير. تصبح المشاعر غير المريحة أكثر حدة. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد جوانب إيجابية للعمل، مثل المحادثات اللطيفة مع الزملاء والفرح بالإنجازات الصغيرة.

بعد ذلك، غالبًا ما يكون هناك شعور بالتوتر الشديد من مقابلة الأصدقاء أو ممارسة الهوايات. غالبًا ما يعزل المصابين أنفسهم اجتماعيًا بصورة متزايدة خلال هذه المرحلة. وعندما يصبحون أقل نشاطًا من الناحية البدنية، يمكن أن يصبحوا أكثر عرضة للأفكار والمشاعر السلبية.

يقضي المصابون بالاكتئاب في هذه المرحلة المزيد والمزيد من الوقت في الفراش، وغالبًا ما يرغبون في النوم فقط وفي نفس الوقت لا يستطيعون تحمل حالتهم المزاجية. في هذه المرحلة على وجه الخصوص، قد تراودهم أفكار انتحارية.

طورت مستشفى جامعة ميونخ، بالتعاون مع مؤسسة Beisheim، موقع ich-bin-alles.de خصيصًا لخدمة الأطفال والشباب الذين يعانون من مشاكل نفسية. ويستهدف الموقع الأطفال والشباب المصابين بالاكتئاب وأولياء أمورهم، وكذلك الأطفال والشباب الذين يرغبون في معرفة المزيد عن الاكتئاب. 

ربما يمكنك التعرف على بعض السلوكيات الموصوفة التي تقوم بها. وكلما أسرعت في كسر دوامة الانحدار، كان ذلك أفضل.

افعل الأشياء على الرغم أي شيء

بالنسبة للعديد من المصابين بالاكتئاب، يبدو الأمر وكأن ما يفعلونه لا يهم. على ما يبدو أنه لا يوجد أي شيء يجلب الفرح. من البديهي أنه بمجرد إدراك هذه الأفكار، لن يرغب المرء في الاستيقاظ. في العلاج النفسي، غالبًا ما يتبين أن هذا التقييم ليس صحيحًا تمامًا.

إذا كان بإمكان الأشخاص تحفيز أنفسهم للركض أو القيام بتمارين الاسترخاء أثناء مرحلة الاكتئاب، فإن حالتهم المزاجية عادة ما تتحسن - على الأقل بشكلٍ قليل. حتى القيام بمهام غير سارة، على سبيل المثال في المنزل، قد يؤدي إلى الشعور بالرضا بعد ذلك.

الأهداف الواقعية

يمكن كسر دوامة الانحدار عن طريق تعديل أهداف الفرد للوضع الحالي. تخيل شخصًا يُلهم عادةً في وظيفته جمهورًا كبيرًا من خلال المحاضرات. الآن، كيف يجب على هذا الشخص أن يعتبر الخروج من السرير والانطلاق في نزهة سيرًا على الأقدام نجاحًا؟ إنها مهمة صعبة. ولكن إذا منعه الاكتئاب من مغادرة المنزل لمدة أسبوع، فإن المشي هو الهدف الأول الذي يمكن تحقيقه - ويساعد في ذلك اعتبار المشي على أنه نجاح.

كيف تعامل أو تقيم أفضل صديق لك في هذا الوضع؟ إذا كنت ستقدر انتصاراته الصغيرة، فعليك أن تفعل نفس الشيء لنفسك.

المعاناة من الاكتئاب ليست حالة فردية

تستند النصائح مثل "امنح نفسك دفعة" أو "ليس كل شيء سيئًا" على افتراض أن المصابين بالاكتئاب يحتاجون فقط إلى مفتاح يُديرونه لكي يتمكنوا من أداء وظائفهم مرة أخرى. في ذلك الصدد، يوجد نقص في فهم طبيعة الاكتئاب.

من ناحية أخرى، يجد المرء التفاهم من المصابين الآخرين. في الواقع، من يمر بمرحلة الاكتئاب ليس وحده. في ألمانيا وحدها، يوجد ملايين الأشخاص الذين يشعرون بنفس الشعور.

على سبيل المثال، إذا كنت مصابًا بالاكتئاب فيمكنك زيارة إحدى مجموعات المساعدة الذاتية. ويقدم مركز الاتصال والمعلومات الوطني لتحفيز ودعم مجموعات المساعدة الذاتية (NAKOS) قاعدة بيانات على مستوى ألمانيا للأقارب ومجموعات المساعدة الذاتية.

يهدف التحالف الألماني لمواجهة الاكتئاب التابع لمؤسسة مساعدات الاكتئاب الألمانية إلى تحسين الوضع الصحي للمصابين بالاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، كرس التحالف ضد الاكتئاب جهده لتوسيع معرفة السكان بالمرض والوقاية من حالات الانتحار.

غالبًا ما تكون الأفكار تلقائية لدرجة أنك لا تلاحظ مدى تأثيرها على حالتك المزاجية. لذلك، قبل أن تتمكن من تغييرها، فمن المهم رصد الأفكار السلبية والتعرف عليها. يتعلق العلاج النفسي بجملة أمور، من بينها، فهم الأفكار الكامنة وراء التغيرات القوية في الحالة المزاجية. وبمجرد التعرف على الأفكار الاكتئابية، يكون من الممكن تغييرها.

غالبًا ما توجد "أنماط تفكير" معينة تكمن وراء المشاعر السلبية:

التعميمات

الأفكار الاكتئابية

• "صديقتي ألغت الاجتماع. على ما يبدو أن لا أحد يحبني".

الأفكار المفيدة

• غالبًا ما تلغي صديقتي مواعيدها مع الأصدقاء الآخرين وهي تتعرض حاليًا لضغوط. ليس للأمر علاقة بي. ومع ذلك، فهناك من يحبونني حتى لو لم يحبني البعض".

التعامل مع الأحداث على محمل شخصي

الأفكار الاكتئابية

• "شريكي خانني. على ما يبدو أنني غير محبوبة".

الأفكار المفيدة

• "حقيقة أنني محبوبة أمر ليس له أي علاقة بسلوك شريكي."

رؤية العالم بالأبيض والأسود

الأفكار الاكتئابية

• ”الأشياء إما جيدة أو سيئة. أرتكب الكثير من الأخطاء، لذا فأنا سيئ".

الأفكار المفيدة

• "جميعنا نخطئ ولا يوجد أحد سيئ تمامًا أو جيد تمامًا. أنا بخير رغم كافة أخطائي".

رغبات غير واقعية

الأفكار الاكتئابية

• "يجب أن أكون أكثر جمالاً ونجاحًا".

الأفكار المفيدة

• "أتقبل نفسي بصورتها التي عليها. ما لم أرغب في إجراء تغيير ملموس وقابل للتحقيق".

الإفراط في التركيز على الأمور السلبية

الأفكار الاكتئابية

• "كانت محادثات العملاء على ما يرام. إلا أن عدم إنجاز المهمة قد يُعرضني لخسارة عملي."

الأفكار المفيدة

• "في حالة تقييم وضع أعز أصدقائي، لن أقيم الأمر على أنه كارثي ولن أتجاهل الأمور الإيجابية."

الأفكار النمطية في حالة الحزن لفترات طويلة

عندما يموت أحد الأحباء، فقد تُسبب بعض الأفكار أو المواقف صعوبة في التعامل مع الخسارة. في هذه الحالة أيضًا، قد يساعدك النظر في أفكار بديلة ومفيدة.

التفكير في المثال 1

التفكير المُعيق

• "إذا واصلت حياتي، فإنني سأخون حبي له/لها."

الأفكار المفيدة

• "كان يتمنى/ كانت تتمنى لي أن أعيش في سعادة دائمة."

التفكير في المثال 2

التفكير المُعيق

• كان بإمكاني منع الوفاة لو فعلت XY.

الأفكار المفيدة

• "فعلت ما بوسعي بقدر المعرفة التي كانت لديّ في ذلك الوقت."

التفكير في المثال 3

التفكير المُعيق

• "لا أريد مواصلة الحياة بدونه/بدونها."

الأفكار المفيدة

• "لم يكن يُريد/تكن تُريد أن أعاني كثيرًا."

التفكير في المثال 4

التفكير المُعيق

• "وفاته/وفاتها ظُلمٌ بيّن."

الأفكار المفيدة

• "لقد انتهت معاناته/معاناتها أخيرًا."

يشعر بعض المصابين بالاكتئاب أن هذه الحالة لن تختفي أبدًا. غالبًا ما يسود شعور بأن الاكتئاب واليأس سيستمران إلى الأبد. إلا أن الأمر ليس كذلك: في المتوسط، تستمر مرحلة الاكتئاب حوالي 16 أسبوعًا. لذلك، فبالنسبة للغالبية العظمى من المصابين بالاكتئاب: "هذه المرحلة الصعبة ستنتهي قريباً!"

يدور تحليل الموقف حول إلقاء نظرة فاحصة على التجارب المجهدة عاطفياً، كما لو كنت تفحصها تحت عدسة مكبرة. في البداية، يجب وصف الموقف بطريقة محايدة وواقعية. من المهم عندئذٍ معرفة الأفكار المرتبطة بالمشاعر المجهدة.

الموقف والأفكار والمشاعر

ماذا حدث بالتحديد؟ على سبيل المثال: قام صديق بإلغاء موعد عبر رسالة نصية. في اليوم السابق، ألغى أحد الأصدقاء موعدًا بالفعل. الأفكار التالية تمر في رأس الشخص المعنيّ. "يتم إلغاء مواعيدي باستمرار، بالأمس ألغى توم الموعد، واليوم ألغته سارة. لم يعد أحد يريد مقابلتي. أنا بلا قيمة. لا يمكنني تحمل ذلك بعد الآن." يرى المصاب أن الوضع فظيع ويائس. الانكسار يعتبر أقوى المشاعر.

قم بفحص الأفكار السلبية

الخطوة التالية هي مراجعة الأفكار السلبية، وصياغة أفكار بديلة ومفيدة. قد يساعدك ذلك على الشعور بتحسن في مواقف مشابهة في المستقبل. للقيام بذلك، قد يكون من المفيد في البداية البحث عما يُثبت الأفكار السلبية: "ألغى صديقان موعدهم معي في يومين على التوالي. تلك هي الحقائق. لكن بالنسبة لاستنتاجي بأنني بلا قيمة ولا يمكنني تحمل الأمر بعد الآن، فهذه أمور لا يمكنني العثور على أي دليل لها في الوقت الحالي، بخلاف أنني مرهق للغاية.

كوّن بعض الأفكار المفيدة

تجميع الأفكار المفيدة يجعل الأمر أسهل على الشخص: "صديقتي تقول الحقيقة، ولا بد وأنها تغيبت اليوم من أجل ابنها. ولا علاقة بذلك بأنها لا تحبني أو لا تريد مقابلتي". تتحسن حالتك المزاجية قليلاً عندما تفكر في هذه الأفكار: "أشعر بالقليل من الانكسار. أنا حزين بعض الشيء لأن اللقاء لم يتم، لكنني أيضًا أكثر ثقة في نفسي بقليل."

كل من العلاج النفسي والأدوية المختلفة للاكتئاب فعالة بالنسبة لمعظم الأشخاص. كلما تم علاج الاكتئاب مبكرًا لدى مُعالج نفسي أو بالأدوية، كانت فرص الشفاء أفضل.

إذا كنت في شكٍ من إنك مصاب بالاكتئاب، فتحدث إلى طبيبك حول هذا الموضوع. إذا كانت الأعراض قد بدأت للتو وكانت خفيفة إلى حد ما، يمكنك استشارة طبيبك والانتظار قليلًا لترى إذا ما كانت الأعراض ستختفي من تلقاء نفسها. ومع ذلك، يجب عليك تحديد موعد للمتابعة في غضون أسبوعين لتقييم مدى تطور الأعراض مع الطبيب. 

إذا لم تتحسن حالتك المزاجية بعد أسبوعين إجمالًا، فيجب عليك تحديد موعد للمشورة النفسية أو العلاج النفسي. يمكنك أيضًا التحدث أولاً إلى طبيب الأسرة حول إمكانية العلاج بالأدوية.

يمكنك العثور على المعالجين النفسيين والأطباء النفسيين في منطقتك من خلال رابطة أطباء الأسنان التابعة للتأمين الصحي. للقيام بذلك، اتصل على الرقم 117 116 أو استخدم خدمة البحث عن طبيب عبر الإنترنت.

يمكن العثور على المزيد من المعلومات حول العثور على معالج نفسي وتصنيف ضغوطك العاطفية في صفحة "طرق العلاج النفسي" في الغرفة الفيدرالية للمعالجين النفسيين.