التبرع بالدم: من السهل إنقاذ الأرواح

كل شخص يتبرع بدمه يُساعد الأشخاص المصابين بأمراض مختلفة، أو ممن تعرضوا لحوادث وأثناء العمليات الجراحية. وتشمل الأمراض الأكثر شيوعًا التي تتطلب التبرع بالدم أو مكونات الدم، أمراض السرطان وأمراض القلب والجهاز الهضمي. حيث توجد حاجة إلى حوالي 15000 عملية تبرع بالدم يوميًا في ألمانيا.

جديرٌ بالذكر أن مكونات الدم البشري لا يمكن إنشاؤها بصورة صناعية. وبالتالي، يعتمد الأشخاص المتلقين للدم على التبرعات. وإلى جانب أمورٍ أخرى، يتيح الدم المتبرع به إجراء العمليات الجراحية ونقل الدم بعد الحوادث الجسيمة ويساهم كذلك في تصنيع الأدوية الأساسية. 

الأنواع الأربعة الأكثر شيوعًا للتبرع بالدم هي: التبرع بالدم الكامل والتبرع بالبلازما والصفائح الدموية والدم الذاتي. 

التبرع بالدم الكامل

يعتبر التبرع بالدم الكامل أكثر أنواع التبرع بالدم شيوعًا. حيث يتم سحب نصف لتر من الدم من وريد في الذراع. وبعد سحب الدم، يتم تقسيمه لفصل مكوناته المختلفة. وبهذه الطريقة، يمكن للمرضى الحصول على مكونات الدم التي يحتاجون إليها بطريقة مستهدفة للغاية.

ويستغرق سحب الدم حوالي 5 إلى 10 دقائق. إلا أنك عليك التخطيط لتوفير ساعة تقريبًا للموعد بأكمله - بما في ذلك الخضوع للفحص والراحة وتناول وجبة خفيفة. يمكن للسيدات التبرع بالدم الكامل كل 3 أشهر تقريبًا، ويُمكن للرجال التبرع به كل شهرين تقريبًا - بحد أقصى 4 مرات سنويًا للتبرع فيما يتعلق بالتبرع الدم الكامل للسيدات مقابل 6 مرات تبرع بالدم الكامل للرجال. في غضون ذلك، يمكن للجسم تعويض فقدان الدم والحديد. 

التبرع بالبلازما

عند التبرع بالبلازما، يتم فصل البلازما عن باقي مكونات الدم وجمعها بشكلٍ منفصل. ويتم إرجاع مكونات الدم المتبقية إلى الجسم. لذلك، يمكن التبرع بالبلازما لعدد مرات أكثر من التبرع بالدم الكامل. ويستغرق الموعد بأكمله من ساعة ونصف إلى ساعتين. ويستغرق التبرع بالبلازما وقتًا أطول من التبرع بالدم بالكامل لأن فصل مكونات الدم يستغرق وقتًا أطول.

تتكون بلازما الدم من 90 بالمائة من المياه، إلا أنها تحتوي على العديد من مواد الدم الهامة. وتشمل هذه المواد، البروتينات، التي تعتبر عنصرًا هامًا في جهاز المناعة ولتخثر الدم، إلى جانب موادٍ أخرى. وتستخدم هذه المواد على وجه الخصوص لإنتاج الأدوية التي تساعد في علاج أمراض المناعة التي تهدد الحياة أو اضطرابات تخثر الدم.

التبرع بالصفائح الدموية

الصفائح الدموية معروفة للكثيرين باسم "صفائح الدم". ويحتاج الجسم إليها بشكل خاص لتخثر الدم. وغالبًا ما لا يتم إنتاج الصفائح الدموية لدى الأشخاص المصابين بالسرطان. حتى بعد فقدان كمية كبيرة من الدم، على سبيل المثال بعد التعرض لحادث أو الخضوع لعملية جراحية، يمكن أن يكون منح الصفيحات أمرًا لا بديل عنه.

لا يمكن استخدام الصفائح الدموية إلا في غضون 4 أيام من التبرع بها. ونظرًا لأن الصفائح الدموية من فصيلة الدم المناسبة هي فقط التي يكون استخدامها متاحًا - ويلزم في بعض الحالات توافق خصائص مستضدات الكريات البيضاء البشرية "HLA"، فغالبًا ما يتم الاتصال بالمتبرعين ذوي المعلمات المناسبة عند اللزوم. 

والتبرع بالصفائح الدموية يشبه التبرع بالبلازما. حيث يستغرق الموعد بأكمله حوالي ساعة ونصف حتى ساعتين.

التبرع بالدم الذاتي

في بعض العمليات، يتم فقدان الكثير من الدم لدرجة تستلزم نقل الدم. ويمكنك توفير الدم لعملية نقل الدم عن طريق التبرع بدمك. وللقيام بذلك، يتم سحب الدم من المريض قبل حوالي 5 إلى 7 أسابيع من موعد العملية الجراحية وتخزينه لاستخدامه في العملية الجراحية. 

سيناقش معك طبيبك القرار بشأن توفير الدم الخاص بالعملية الجراحية عن طريق تبرعك بدمك. والشرط الأساسي هو التمتع بحالة صحية جيدة وتوفير فترة زمنية كافية بين التبرع الذاتي بالدم والتدخل الجراحي المخطط له.

لا توجد شروط كثيرة للتبرع بالدم. أي شخص يشعر أنه بصحة جيدة ويبلغ من العمر 18 عامًا على الأقل، ويزيد وزنه عن 50 كيلوجرامًا يُمكنه التبرع بالدم.

إذا كان هناك شك في أن الدم من المتبرعين يمكن أن يكون معديًا أو ضعيف الجودة، فقد يتم تأجيل عملية التبرع. وهذا يعني أنه ينبغي على المتبرع المحتمل الانتظار لبعض الوقت. ويمكن أن تكون الأسباب احتمالية وجود عدوى أو الخضوع لعملية جراحية أو بسبب سلوك جنسي محفوف بالمخاطر أو بسبب الحالة الصحية المتدهورة. في هذه الحالات، يجب أن تمر فترة زمنية معينة بين الإصابة أو الحدث (المحتمل) وبين عملية التبرع بالدم. ومن الأسباب الأخرى لتأجيل التبرع، أي فترة الانتظار حتى إجراء التبرع، هو انخفاض قيمة الهيموجلوبين قبل التبرع.

ومن الأمثلة على العدوى والأحداث وفترة التأجيل المعنية (مذكورة بين قوسين) هي:

• عدوى فيروس سارس-كوفيد-2 (4 أسابيع بعد الشفاء التام)
• عدوى غير معقدة (أسبوع واحد).
• العمليات الجراحية (يختلف الوقت بحسب العملية)
• الحمل (خلال الحمل وبعد 6 أشهر من الحمل وأثناء الرضاعة الطبيعية)
• السلوك الجنسي عالي الخطورة (من 4 إلى 12 شهرًا)

بالإضافة إلى ذلك، لا يُسمح للأشخاص الذين يعانون من حالات طبية معينة بالتبرع بالدم. وتشمل هذه الحالات، من بين أمور أخرى:

• أمراض القلب والأوعية الدموية الحادة
• أمراض الجهاز العصبي المركزي الشديدة
• بعض اضطرابات تخثر الدم
• أمراض مزمنة في الكلى أو الرئتين أو الجهاز الهضمي
• اضطرابات خطيرة في جهاز المناعة أو التمثيل الغذائي
• أمراض الأورام الخبيثة
• مرض السكري الذي يستلزم العلاج بالأنسولين
• فيروس نقص المناعة البشرية
• مرض الزهري

بالإضافة إلى ذلك، لا يُسمح للأشخاص الذين يتعاطون المخدرات أو يسيئون استخدام الأدوية بالتبرع بالدم. 

التحضير للتبرع

يجب أن تأكل وتشرب ما يكفي مقدمًا حتى يكون جسمك قويًا بالقدر الكافي. من المهم للغاية أن تشرب أكثر بقليل من المعتاد - لكن لا تتناول أي مشروبات كحولية. بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا تأكل الكثير من الدهون. يجب عليك إحضار بطاقة الهوية الأصلية السارية معك أثناء التبرع بالدم. حيث يتم جمع بياناتك الشخصية عند التسجيل.

الاستبيان والفحص

بعد التسجيل، ستقوم بملء استبيان المتبرع. وسيُطلب منك ذكر معلومات شاملة عن حالتك الصحية. تُستخدم هذه المعلومات لتحديد ما إذا كنت مؤهلاً للتبرع بالدم أو البلازما.

وثم سحب قطرة دم صغيرة من طرف الإصبع أو من شحمة الأذن. ويُحدد من خلالها مستوى الهيموجلوبين. الهيموجلوبين - المعروف أيضًا باسم صبغة الدم الحمراء - هو عامل هام في الجسم لنقل الأكسجين ولتكوين خلايا الدم الحمراء الجديدة. يجب أن يكون مستوى الهيموجلوبين مرتفعًا بالقدر الكافي حتى يتمكن الدم من نقل كمية كافية من الأكسجين إلى الأعضاء أثناء وبعد التبرع بالدم.

وبعد ذلك، سيقوم الطبيب بفحصك. حيث سيقوم بقياس ضغط الدم والنبض ودرجة حرارة الجسم. وسيناقش الطبيب الاستبيان معك ويخبرك ما إذا كان يمكنك التبرع بالدم.

ومع التحديد الشخصي السري، يمكنك أن تقرر على الفور قبل التبرع ما إذا كان من الممكن منح الدم أو البلازما في وقت لاحق.

التبرع

للتبرع بالدم الكامل، يتم سحب حوالي نصف لتر من الدم من ثنية ذراعك. ويستغرق ذلك حوالي 5 إلى 10 دقائق فحسب. وفي الأنواع الأخرى للتبرع (البلازما والصفائح الدموية)، يتم فصل بعض مكونات الدم عن باقي الدم بواسطة فاصل الخلايا أو جهاز فصل البلازما ومن ثم، يتم جمعها. وبعد ذلك، تتدفق مكونات الدم المتبقية إلى الجسم مرة أخرى. ويستغرق ذلك ما بين 30 إلى 90 دقيقة. تستخدم مواد معقمة مخصصة للاستخدام لمرةٍ واحدة في جميع أنواع التبرع بالدم. ومن ثم، يُستبعد في هذه الطريقة التعرض للعدوى.

السلوك المتبع بعد التبرع

يجب أن تأكل وتشرب شيئًا ما وتستريح لمدة نصف ساعة على الأقل بعد التبرع. لا تقف إلا عندما تشعر أنك قادر على ذلك. يجب أن تتروى قليلًا لبقية اليوم. لا تشارك في أي أنشطة يمكن أن تعرضك أو تعرض الآخرين للخطر بسبب تعرضك للإغماء. 

يتم سحب جزء صغير من الدم في أنبوب صغير. ويتم اختبار هذا الدم في المعمل للتأكد من خلوه من فيروس نقص المناعة البشرية ومسببات الأمراض الأخرى. يتم أيضًا تحديد فصيلة الدم والعامل الريسوسي.

إذا كان الدم خاليًا من مسببات الأمراض، فسيتم تحضيره لنقله لمريض محتمل لاحقًا. حيث يتم إدخاله إلى جهاز الطرد المركزي - وطرده منه. فهذه هي الطريقة التي يتم بها تقسيم الدم إلى مكوناته الفردية: البلازما والصفائح الدموية (صفائح الدم) وخلايا الدم الحمراء (كرات الدم الحمراء) وخلايا الدم البيضاء (كرات الدم البيضاء).

استخدام بلازما الدم

يتم تجميد البلازما في درجة حرارة تتراوح بين 30 إلى 40 درجة تحت الصفر. ويُستخدم جزء من البلازما للحصول على مكونات مهمة مركزة، مثل الأجسام المضادة وعوامل التخثر. ويُستخدم جزء آخر من البلازما بوصفها بلازما علاجية، بنفس الصورة التي تم الحصول عليها بها من المتبرعين. 

استخدام الصفائح الدموية

الصفائح الدموية (صفائح الدم) مهمة لتخثر الدم. كما تكون هناك حاجة إليها أيضًا بعد التعرض لحوادث أو أثناء العمليات الجراحية لوقف النزيف. والمرضى الذين يعانون من أمراض تؤثر على تكوين الصفائح الدموية في جسمهم يعتمدون أيضًا على التبرع بالصفائح الدموية. يجب أن تبقى عينات الصفائح الدموية في حالة حركة بعد سحبها لمنعها من التجلط ويجب استخدامها في غضون 4 أيام.

استخدام خلايا الدم الحمراء

تكون هناك حاجة إلى خلايا الدم الحمراء (كرات الدم الحمراء) في حالة فقد الكثير من الدم، أي بعد التعرض للحوادث الخطيرة أو الخضوع للعمليات الجراحية الكبرى. كما توجد حاجة أيضًا إلى خلايا الدم الحمراء المتبرع بها لعلاج الأمراض التي تؤدي إلى تعطيل تكوين خلايا الدم الحمراء في الجسم أو فقدان خلايا الدم الحمراء. عادة ما يتم الحفاظ على خلايا الدم الحمراء عن طريق إضافة مثبتات وعن طريق تخزينها في مكان بارد.

استخدام خلايا الدم البيضاء

يتم إزالة عدد قليل من خلايا الدم البيضاء، والتي تشكل حوالي 2 بالمائة فقط من الدم الكامل، من الدم المحفوظ. وعند استخدام خلايا الدم البيضاء للعلاج، يجب الحصول على كميات أكبر منها، والتي يتم الحصول عليها بطريقة مختلفة تُعرف باسم فصل مكونات الدم (غسل الدم).

يمكن أن تحدث مشاكل في الدورة الدموية أثناء التبرع بالدم وبعده، على سبيل المثال إذا انخفض ضغط الدم. وقد تتراوح هذه المشاكل من الدوار الخفيف إلى فقدان الوعي. ومع ذلك، نادرًا ما تحدث مشاكل خطيرة في الدورة الدموية، مثل الإغماء.

في بعض الحالات، قد تشعر بالغثيان، ونادرًا ما تُصاب بالقيء. يمكن أن تصاب أيضًا بالألم والكدمات في موضع الحقن وقد تصاب أيضًا بالتهاب موضعي. نادرًا ما تتضرر أعصاب الجلد في موقع الحقن. الإعاقات طويلة الأمد أو المستمرة نادرة للغاية، إلا أنه لا يمكن استبعادها بنسبة 100٪. 

قد تشعر أيضًا بوخز خفيف في أصابعك أو لسانك أو فمك أو أصابع قدمك عند التبرع بالبلازما. وذلك لأن المتبرع يتم إعطاؤه كمية صغيرة من مضادات التخثر، والتي يمكن أن تسبب الشعور بالوخز.

إذا كنت تتبرع بالدم بانتظام، فسيتم أيضًا فحص حالتك الصحية بانتظام. حيث يُجرى فحصك عند كل تبرع لمعرفة ما إذا كان ضغط الدم ومستويات الهيموجلوبين على ما يرام. بالإضافة إلى ذلك، يتم قياس درجة حرارة الجسم وتحليل الدم للتأكد من خلوه من مسببات الأمراض. بهذه الطريقة، يمكن التعرف على ما إذا كانت هناك عدوى، حتى لو لم تظهر على الشخص المعني أي أعراض.

يتلقى المتبرعون بالدم بطاقة التبرع بالدم. وتوضح لهم هذه البطاقة أيضًا فصيلة الدم الخاصة بهم والعامل الريسوسي. وقد تكون هذه البطاقة مفيدًا في حالة وقوع حادث ومن ثم الخضوع لجراحة طارئة.

وفي نهاية المطاف، تحدث العديد من المتبرعين عن شعورهم بالبهجة بعد التبرع بالدم، وهو ما يُعرف أيضًا باسم "العطاء الدافئ". ينشأ هذا الشعور من معرفة أنك فعلت شيئًا جيدًا أو حتى ساهمت في الحفاظ على حياة شخص آخر.

يمكن التبرع بالدم في بعض العيادات الجامعية والمستشفيات وكذلك في مختلف مقرات خدمات التبرع بالدم. يمكنك العثور على مقر خدمة التبرع بالدم الأقرب إليك عن طريق البحث في المركز الفيدرالي للتثقيف الصحي.