الجمرة الخبيثة

الجمرة الخبيثة عبارة عن مرض معدٍ نادر ولكنه خطير يحدث بسبب البكتيريا. نظرًا لأن العامل الممرض يسمى العصوية الجمرية، فإن المرض يسمى أيضًا "الجمرة". وهذا الاسم مشتق من اليونانية ويعني "الفحم". فهذا مؤشر إلى أن الطحال أو المناطق المصابة الأخرى تتحول إلى اللون الأسود مع هذا المرض.

واعتمادًا على مكان حدوث الجمرة الخبيثة في الجسم، توجد أربعة أنواع مختلفة:

• الجمرة الخبيثة الجلدية
• الجمرة الخبيثة الرئوية:
• الجمرة الخبيثة الهضمية
• الجمرة الخبيثة الحقنية 

الجمرة الخبيثة الجلدية هي الصورة الأكثر شيوعًا للمرض، أما الأنواع الثلاثة الأخرى فهي نادرة جدًا. 

تُسبب الجمرة الخبيثة أعراضًا مختلفة بحسب العضو المصاب بها.

الجمرة الخبيثة الجلدية

في حالة الجمرة الخبيثة الجلدية، تتكون تورمات بحجم حبة البازلاء في موقع الإصابة، وتكون اليدين والذراعين والرقبة والوجه المناطق الأكثر تضررًا. وتتحول التورمات في البداية إلى بثور مملوءة بالسوائل ثم إلى قرحة سوداء مغطاة بقشور (خراج الجمرة الخبيثة). وهذه التغييرات الجلدية ليست مؤلمة.

الجمرة الخبيثة الرئوية:

تتشابه أعراض الجمرة الخبيثة الرئوية في البداية مع أعراض نزلات البرد. حيث تؤدي السموم التي تفرزها البكتيريا بعد ذلك إلى مرض شديد مصحوب بارتفاع في درجة الحرارة في غضون يوم إلى ثلاثة أيام. مما قد يؤدي إلى تسمم الدم (تعفن الدم) مع فشل الرئة والقلب والأوعية الدموية. 

الجمرة الخبيثة الهضمية 

تظهر الجمرة الخبيثة الهضمية في البداية في صورة اضطراب في المعدة: ويتعلق الأمر بآلام البطن والغثيان والقيء وفقدان الشهية والحمى والانتفاخ. وتؤدي السموم التي تكونها البكتيريا إلى الإسهال الدموي والتهاب الصفاق.

الجمرة الخبيثة الحقنية

تظهر أعراض الجمرة الخبيثة الحقنية أولاً في منطقة موقع الحقن في صورة تورم مؤلم. ويسود التهاب شديد في الجلد والأنسجة العميقة. وقد يصاب أيضًا كل من الجهاز العصبي والجهاز الهضمي.

مضاعفات التهاب السحايا المرتبط بالجمرة الخبيثة

قد يتطور التهاب السحايا كأحد المضاعفات من جميع الأشكال المذكورة. وفي هذه الحالة، تظهر فجأة أعراض مثل الصداع والحمى الشديدة والارتباك والرعشة وآلام العضلات. ويتفاقم المرضى بسرعة كبيرة مع المراحل المتقدمة. ودائمًا ما يكون المرض قاتلًا.

جميع أنواع الجمرة الخبيثة الأربعة ناتجة عن نفس مسببات الأمراض البكتيرية. وجديرٌ بالذكر أن العصوية الجمرية الخبيثة عبارة عن بكتيريا تنتشر على شكل أبواغ شديدة المقاومة. وتنتج سمومًا مختلفة تُسبب بعض الأعراض. وتنتقل البكتيريا إلى الإنسان من الحيوانات أو من خلال المنتجات الحيوانية. وتسمى هذه الأمراض المعدية أيضًا الأمراض حيوانية المنشأ. حيث تصاب الكائنات شفعيات الأصابع بها بشكل خاص، مثل الخنازير والأبقار والخيول والأغنام والماعز.

وقد ينتقل مسبب الجمرة الخبيثة بعدة طرق.

الجمرة الخبيثة الجلدية

الجمرة الخبيثة الجلدية تنتقل عن طريق الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة ببكتيريا الجمرة الخبيثة. ومن ناحية أخرى، تصاب الحيوانات بأبواغ بكتيرية يمكنها العيش في التربة لسنوات. لذلك، يتعرض الأشخاص الذين يعالجون جلود الحيوانات، وعظام الحيوانات، ومنتجاتها، والأنسجة الحيوانية الأخرى، لمخاطر معينة. ويمكن أن يصاب العاملون في مجال الطب البيطري والزراعة والغابات والصيد أيضًا بسبب الحيوانات المصابة. وهذا الأمر وارد الحدوث أيضًا في أوروبا، وإن كان نادرًا.

الجمرة الخبيثة الرئوية:

تحدث الجمرة الخبيثة الرئوية عن طريق استنشاق أبواغ مسببات مرض الجمرة الخبيثة. ويحدث ذلك على الأرجح عندما يتم إطلاق الأبواغ عمدًا لهذا الغرض، مثل الأسلحة البيولوجية. وقد يستغرق ظهور الأعراض ما يصل إلى شهرين.

الجمرة الخبيثة الهضمية 

يصاب الجهاز الهضمي بمسببات المرض عندما يتناول شخص ما أجزاء من حيوان مريض.

الجمرة الخبيثة الحقنية

يحدث الانتقال عن طريق حقن مادة ملوثة بأبواغ الجمرة الخبيثة. وقد يحدث ذلك، مثلاً، في حالة تعاطي المخدرات بسبب الهيروين الملوث. لا يمكن استبعاد حدوث العدوى عن طريق الحقن الملوثة.

ويقدم معهد روبرت كوخ معلومات مفيدة لمتعاطي المخدرات.

الجمرة الخبيثة عبارة عن مرض معدٍ نادر. كانت
آخر حالة إصابة بالجمرة الخبيثة الجلدية في ألمانيا عام 1994.
ومنذ عام 2000 كانت هناك عدة حالات مصابة بالجمرة الخبيثة بين متعاطي المخدرات في أوروبا، وفي عام 2012 ظهر المرض أيضًا بين أربعة متعاطين للهيروين من الألمان.

وظهر تفشي الجمرة الخبيثة بين الأبقار في ألمانيا آخر مرة في عام 2012. إلا أن المرض أكثر شيوعًا في البلدان النامية.

يجب تجنب الاتصال غير المحمي بالحيوانات المريضة أو بالمنتجات الحيوانية.

يوجد تطعيم متاح أيضًا لمجموعات معينة من الأشخاص: تمت الموافقة على تطعيم للتحصين النشط للبالغين المعرضين لخطر كبير للتلامس مع مسببات أمراض الجمرة الخبيثة في ألمانيا منذ عام 2013. يتم أيضًا توفير التطعيم لمجموعات معينة من الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى: على سبيل المثال للجنود أو الأشخاص الذين يتعاملون مع بكتيريا الجمرة الخبيثة.

قد يكون التشخيص صعبًا لأن الأمراض المعدية الشائعة تسبب أعراضًا مشابهة. وتوضح بعض الأمثلة الأسباب المحتملة الأخرى التي يحتاج الأطباء إلى وضعها بعين الاعتبار. في حالة الجمرة الخبيثة الجلدية، يشمل ذلك الأمراض الجلدية البكتيرية. وبخلاف الجمرة الخبيثة الجلدية، عادة ما يكون هذا النوع مؤلمًا. في حالة الجمرة الخبيثة الرئوية، مثلاً، هناك أمراض تصيب الجهاز التنفسي وتسببها الفطريات والفيروسات. في حالة الجمرة الخبيثة الهضمية، يدور الأمر حول عدوى معدية معوية شائعة تسببها الفيروسات أو البكتيريا. ومع الجمرة الخبيثة الحقنية، يشمل ذلك الخراجات أو الأمراض التي يموت فيها الجلد والنسيج الضام والنسيج العضلي (النخر).

تُستخدم عينات الدم أو المسحات أو عينات الأنسجة من الجلد للكشف المباشر عن بكتيريا الجمرة الخبيثة. ولكي يمكن لمسبب المرض التكاثر ومن ثم لكي يمكن تحديد مسبب المرض بوضوح، يجب سحب عينة دم قبل بدء العلاج بالمضادات الحيوية. التشخيص متاح فقط في المعامل الخاصة، والتي يجب أن تراعي احتياطات السلامة الصارمة.

اعتمادًا على أعراض المرض وشدته، تتوفر مضادات حيوية مختلفة لعلاجه. حتى إذا لم تكن النتائج المعملية متاحة بعد، فيجب على الأطباء بدء العلاج فورًا في حالة الاشتباه في الإصابة بالجمرة الخبيثة، حيث يمكن أن يكون المرض قاتلاً في غضون فترة زمنية قصيرة إذا ترك دون علاج. من ناحية أخرى، فإن بدء العلاج بالمضادات الحيوية مبكرًا يؤدي إلى تحسن سريع في الحالة. 

هناك العديد من المضادات الحيوية الفعالة ضد مسبب مرض الجمرة الخبيثة. وعادة ما يتم منح هذه المضادات الحيوية بالتسريب الوريدي وأحيانًا يتم دمجها سويًا. اعتمادًا على شدة المرض، قد يكون العلاج الداعم في وحدة العناية المركزة ضروريًا. إذا تفاقم المرض لدرجة تجعل البكتيريا تتمكن من إنتاج العديد من السموم، فإن العلاج بالمضادات الحيوية لن يعد ناجحًا في المعتاد. 

ولمنع أو إبطاء تطور المرض، يمكن استخدام الأجسام المضادة للسموم البكتيرية بالإضافة إلى العلاج بالمضادات الحيوية في حالة الجمرة الخبيثة الرئوية. ومع ذلك، فقد تمت الموافقة على هذه العلاجات في الولايات المتحدة الأمريكية فقط.

يمكن أن تتسبب الجمرة الخبيثة الحقنية في موت الجلد المصاب والأنسجة الرخوة العميقة. وفي هذه الحالة، يجب إزالة هذه المناطق في عملية جراحية، وأحيانًا في عدة عمليات.

على الرغم من أن خطر الإصابة بالمرض من شخص مصاب منخفض للغاية، فمن الممكن أن تنتقل العدوى من خلال ملامسة الملابس الملوثة أو سوائل الجرح. والتدابير التالية، التي تقلل من خطر الإصابة، تنطبق في المقام الأول على موظفي المستشفيات:

• ارتداء القفازات الواقية، ومئزر الحماية، والكمامة، ونظارة حماية العين
• تطهير الأيدي والأسطح بمواد خاصة تقاوم الأبواغ، مثل منتجات حمض الاستيك
• إن أمكن، يتم تسكين المرضى في غرفة فردية

لا يتعين على المخالطين أو المشتبه في إصابتهم عزل أنفسهم. ومع ذلك، يجب مراقبة الأشخاص الذين يُشتبه في إصابتهم عن كثب لتحديد أي أعراض على الفور. يمكنهم أيضًا تناول المضادات الحيوية كإجراء وقائي (احترازي).