الأمراض الجمرة الخبيثة

الجمرة الخبيثة عبارة عن مرض معدٍ نادر ولكنه خطير يحدث بسبب البكتيريا. يستند الاسم إلى حقيقة أن طحال الحيوانات المصابة يبدو مُحترقًا. نظرًا لأن العامل الممرض يسمى العصوية الجمرية، فإن المرض يسمى أيضًا "الجمرة". وهذا الاسم مشتق من اليونانية ويعني "الفحم". وهذا مؤشر على أن الجمرة الخبيثة الجلدية تُؤدي إلى آفات جلدية سوداء اللون.

واعتمادًا على مكان حدوث الجمرة الخبيثة في الجسم، توجد أربعة أنواع مختلفة:

• الجمرة الخبيثة الجلدية
• الجمرة الخبيثة الرئوية
• الجمرة الخبيثة الهضمية
• الجمرة الخبيثة الحقنية 

الجمرة الخبيثة الجلدية هي الصورة الأكثر شيوعًا للمرض (95 بالمائة من الحالات)، أما الأنواع الثلاثة الأخرى فهي نادرة جدًا.

تُسبب الجمرة الخبيثة أعراضًا مختلفة بحسب العضو المصاب بها.

الجمرة الخبيثة الجلدية

في حالة الجمرة الخبيثة الجلدية، تتكون تورمات بحجم حبة البازلاء في موقع الإصابة، وتكون اليدين والذراعين والرقبة والوجه المناطق الأكثر تضررًا. وتتحول التورمات في البداية إلى بثور مملوءة بالسوائل ثم إلى قرحة سوداء مغطاة بقشور (خراج الجمرة الخبيثة). وهذه التغييرات الجلدية ليست مؤلمة.

الجمرة الخبيثة الرئوية

تتشابه أعراض الجمرة الخبيثة الرئوية في البداية مع أعراض نزلات البرد. حيث تؤدي السموم التي تفرزها البكتيريا بعد ذلك إلى مرض شديد مصحوب بارتفاع في درجة الحرارة في غضون يوم إلى ثلاثة أيام. مما قد يؤدي إلى تسمم الدم (تعفن الدم) مع فشل الرئة والقلب والأوعية الدموية. 

الجمرة الخبيثة الهضمية 

تظهر الجمرة الخبيثة الهضمية في البداية في صورة اضطراب في المعدة: ويتعلق الأمر بآلام البطن والغثيان والقيء وفقدان الشهية والحمى والانتفاخ. وتؤدي السموم التي تكونها البكتيريا إلى الإسهال الدموي والتهاب الصفاق.

الجمرة الخبيثة الحقنية

تظهر أعراض الجمرة الخبيثة الناجمة عن الحقن في البداية في صورة احمرار وتورم حول موضع الحقن. قد يكون الألم خفيفًا أو لا يكون هناك أي ألم في بداية المرض. ومع الوقت، يحدث تورم واسع النطاق بسبب احتباس السوائل، بالإضافة إلى التهاب شديد في الجلد والأنسجة العميقة. وقد يصاب أيضًا كل من الجهاز العصبي والجهاز الهضمي.

التهاب السحايا بسبب الجمرة الخبيثة

قد يتطور التهاب السحايا كأحد المضاعفات من جميع الأشكال المذكورة. وفي هذه الحالة، تظهر فجأة أعراض مثل الصداع والحمى الشديدة والارتباك والرعشة وآلام العضلات. ويتفاقم المرضى بسرعة كبيرة مع المراحل المتقدمة. التهاب السحايا يكون مميتًا في أغلب الأحيان.

جميع أنواع الجمرة الخبيثة الأربعة ناتجة عن نفس مسببات الأمراض البكتيرية. جديرٌ بالذكر أن العصوية الجمرية الخبيثة عبارة عن بكتيريا تنتشر على شكل أبواغ. وتتميز هذه الأبواغ بالمقاومة العالية، وأن بمقدورها البقاء على قيد الحياة في التربة لفترات طويلة. يمكن للأحداث الخارجية، مثل الفيضانات أو الانهيارات الأرضية، أن تدفع الأبواغ إلى السطح، ومن ثمّ، تبتلعها عادةً حيوانات المراعي. وتُعد الأبقار والخيول والأغنام والماعز أكثر الحيوانات عرضة للإصابة بالعدوى. وتنتقل البكتيريا إلى الإنسان من الحيوانات أو من خلال المنتجات الحيوانية. تنتج مسببات الأمراض سمومًا مختلفة تُسبب ظهور الأعراض.

وقد ينتقل مسبب الجمرة الخبيثة بعدة طرق.

الجمرة الخبيثة الجلدية

الجمرة الخبيثة الجلدية تنتقل عن طريق الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة ببكتيريا الجمرة الخبيثة. تخترق مسببات الأمراض الجلد عبر الجروح الصغيرة. لذلك، يتعرض الأشخاص الذين يعالجون جلود الحيوانات، وعظام الحيوانات، ومنتجاتها، والأنسجة الحيوانية الأخرى، لمخاطر معينة. ويمكن أن يصاب العاملون في مجال الطب البيطري والزراعة والغابات والصيد أيضًا بسبب الحيوانات المصابة. وقد يستغرق ظهور الأعراض مدة تصل إلى ستة أيام بعد الإصابة.

الجمرة الخبيثة الرئوية

تحدث الجمرة الخبيثة الرئوية عن طريق استنشاق أبواغ مسببات مرض الجمرة الخبيثة. ويحدث ذلك على الأرجح عندما يتم إطلاق الأبواغ عمدًا لهذا الغرض، مثل الأسلحة البيولوجية. وعادةً ما يستغرق ظهور الأعراض من 4 إلى 6 أيام، ولكن قد يستغرق أيضًا ما يصل إلى شهرين.

الجمرة الخبيثة الهضمية 

يصاب الجهاز الهضمي بمسببات المرض عندما يتناول شخص ما لحم حيوان مريض. وتظهر الأعراض بعد حوالي يوم إلى 3 أيام من التناول.

الجمرة الخبيثة الحقنية

يحدث الانتقال عن طريق حقن مادة ملوثة بأبواغ الجمرة الخبيثة. وقد يحدث ذلك، مثلاً، في حالة تعاطي المخدرات بسبب الهيروين الملوث. من الممكن أيضًا أن تحدث الإصابة بسبب الحقن الملوثة. حيث تظهر الأعراض بعد حوالي يوم إلى 3 أيام من الحقن.

تقدم جهة مساعدة مرضى الإيدز الألمانية معلومات مفيدة لمن يتعاطون المخدرات.

الجمرة الخبيثة مرض مُعدٍ نادر جدًا في الدول الصناعية. حيث كانت آخر حالة إصابة بالجمرة الخبيثة الجلدية في ألمانيا عام 1994. ومنذ عام 2000 كانت هناك عدة حالات مصابة بالجمرة الخبيثة بين متعاطي المخدرات في أوروبا، وفي عام 2012 ظهر المرض أيضًا بين أربعة متعاطين للهيروين من الألمان.

وظهر تفشي الجمرة الخبيثة بين الأبقار في ألمانيا آخر مرة في عام 2014. ومع ذلك، يُعدّ المرض أكثر شيوعًا في جنوب أوروبا وآسيا الوسطى وجنوب أفريقيا.

يجب تجنب الاتصال غير المحمي بالحيوانات المريضة أو بالمنتجات الحيوانية.

توجد تطعيمات لبعض مجموعات الأشخاص الأكثر عرضة لخطر التلامس مع مسببات أمراض الجمرة الخبيثة. في ألمانيا، تمت الموافقة على تطعيم نشط للبالغين منذ عام 2013. ومع ذلك، فتلقي هذا التطعيم معقد للغاية، لأنه غير متداول في الأسواق داخل الاتحاد الأوروبي حاليًا.

قد يكون التشخيص صعبًا لأن الأمراض المعدية الشائعة تسبب أعراضًا مشابهة. وتوضح بعض الأمثلة الأسباب المحتملة الأخرى التي يحتاج الأطباء إلى وضعها بعين الاعتبار. في حالة الجمرة الخبيثة الجلدية، يشمل ذلك الأمراض الجلدية البكتيرية. وبخلاف الجمرة الخبيثة الجلدية، عادة ما يكون هذا النوع مؤلمًا. في حالة الجمرة الخبيثة الرئوية، مثلاً، هناك أمراض تصيب الجهاز التنفسي وتسببها البكتيريا والفطريات والفيروسات. في حالة الجمرة الخبيثة الهضمية، يدور الأمر حول عدوى معدية معوية شائعة تسببها الفيروسات أو البكتيريا. ومع الجمرة الخبيثة الحقنية، يشمل ذلك الخراجات أو الأمراض التي يموت فيها الجلد والنسيج الضام والنسيج العضلي (النخر).

بناءً على الأعراض، تُستخدم عينات الدم أو المسحات أو عينات الأنسجة من الجلد أو البراز أو الإفرازات المخاطية للكشف المباشر عن بكتيريا الجمرة الخبيثة.

اعتمادًا على أعراض المرض وشدته، تتوفر مضادات حيوية مختلفة لعلاجه. حتى إذا لم تكن النتائج المعملية متاحة بعد، فيجب على الأطباء بدء العلاج فورًا في حالة الاشتباه في الإصابة بالجمرة الخبيثة، حيث يمكن أن يكون المرض قاتلاً في غضون فترة زمنية قصيرة إذا ترك دون علاج. من ناحية أخرى، عادةً ما يؤدي بدء العلاج بالمضادات الحيوية مبكرًا إلى تحسن سريع في الحالة. 

هناك العديد من المضادات الحيوية الفعالة ضد مسبب مرض الجمرة الخبيثة. وعادة ما يتم منح هذه المضادات الحيوية بالتسريب الوريدي وأحيانًا يتم دمجها سويًا. اعتمادًا على شدة المرض، قد يكون العلاج الداعم في وحدة العناية المركزة ضروريًا. إذا تفاقم المرض لدرجة تجعل البكتيريا تتمكن من إنتاج العديد من السموم، فإن العلاج بالمضادات الحيوية لن يعد ناجحًا في المعتاد. 

ولمنع أو إبطاء تطور المرض، يمكن استخدام الأجسام المضادة للسموم البكتيرية بالإضافة إلى العلاج بالمضادات الحيوية في حالة الجمرة الخبيثة الرئوية.

يمكن أن تتسبب الجمرة الخبيثة الناجمة عن الحقن في موت الجلد المصاب والأنسجة العميقة. يجب في هذه الحالة إزالة الأنسجة في المنطقة المعنية جراحيًا، وأحيانًا يُعاد هذا الإجراء عدة مرات.

على الرغم من أن خطر الإصابة بالمرض من شخص مصاب منخفض للغاية، فمن الممكن أن تنتقل العدوى من خلال ملامسة الملابس الملوثة أو سوائل الجرح. والتدابير التالية، التي تقلل من خطر الإصابة، تنطبق في المقام الأول على موظفي المستشفيات:

• ارتداء القفازات الواقية، ومئزر الحماية، والكمامة، ونظارة حماية العين
• تطهير الأيدي والأسطح بمواد خاصة تقاوم الأبواغ، مثل منتجات حمض الاستيك
• إن أمكن، يتم تسكين المرضى في غرفة فردية

لا يحتاج المخالطون أو من يُحتمل إصابتهم بالعدوى إلى عزل أنفسهم. ومع ذلك، فيجب ملاحظتهم عن كثب للكشف الفوري عن أي أعراض محتملة. ويمكن أيضًا تناول المضادات الحيوية كإجراء احترازي (وقائي).